المذكرات
كلمة النقيب أحمد ساعي في سوريا 2009

كلمة السيد النائب الأول لرئيس إتحاد المحامين الجزائريين و ممثل الوفد الجزائري بمناسبة أشغال المكتب الدائم للمحامين العرب المنعقد بدمشق (سوريا) يومي 13 و 14 ديسمبر 2009

ü    السيد الأمين العام.

ü    السيد نقيب المحامين بالقطر السوري الشقيق الأستاذ: وليد التش.

ü    السادة أعضاء المكتب الدائم.

ü    السادة الحضور.

اسمحوا لي أن أبلغكم تحيات السيد رئيس إتحاد منظمات المحامين الجزائريين الذي يعتذر لديكم عن الحضور لأسباب صحية، و قد كلفني بصفتي نائبا له بتمثيل الوفد الجزائري في هذا الاجتماع.

إنني تقدم بالشكر الجزيل للنقيب وليد التش و زملائنا المحامين السوريين على حسن الاستقبال وكرم الضيافة و ما ذلك على سوريا بعزيز إذ أننا كلما حللنا بـهذا القطر الشقيق نشعر بدفئ العروبة الصادقة و الإخوة الخالصة.

فتحية لسوريا شعبا و قيادة، سوريا رمز الصمود و التصدي و قلب الأمة النابض و عنوان العروبة و الممانعة التي أسقطت نظرية الشرق الأوسط الجديد.

سيداتـــي سادتـــي،

بلا شك أنكم عشتم معنا خلال الأسابيع الماضية كيف أن مباراة في كرة القدم أريد لها لأهداف سياسية أن تتحول إلى عداوة و بغضاء بين شعبين شقيقين الشعب الجزائري و الشعب المصري.

فقبل المقابلة بالقاهرة يوم 14/11/2009 و خلالها و بعدها في الخرطوم انخرط الإعلام المصري السمعي البصري و المكتوب الخاص و الرسمي في حملة سب و قذف و شتم و الطعن في تاريخ و هوية الشعب الجزائري و رموز دولته.

أن هذه الحملة بدأها الرسميون المصريون بالقول بأن الانتصار على الفريق الجزائري للانتقال إلى نـهائيات المونديال يعتبر مصلحة استراتيجية قومية مصرية.

قبل المقابلة و أثنائها شاهدت في ذهول أن بعض الفضائيات الخاصة رفعت على شاشاتـها لافتة مكتوبة عليها: "ملعب القاهرة سوف يكون مقبرة للغزاة".

و بعد ذلك تواصلت هذه الحملة من ذم و قذف كل ما هو جزائري و دون تمييز واصفين الجزائريين كلهم بالمتخلفين و إرهابيين  و بلطجية.

و الغريب في الأمر أنه حتى بعض الساسة المصريين دخلوا هذه الحملة و قالوا أن الجزائر ليس لها تاريخ و لا هوية أن ابن الرئيس المصري (المواطن العادي) و صف كل الجزائريين و على المباشر بأنـهم ارهابيون.

حتى الشهداء، شهداء الجزائر مليون و نصف مليون شهيد لم يسلموا من هذه الحملة و تم وصفهم باللقطاء و القذرين.

إننا عشنا هستيريا إعلامية همجية لا مثيل لها طرحت في الصميم تاريخ الشعب الجزائري و أصالته و شهدائه و رموزه الوطنية و تم نعتنا بالتخلف، و أن الأشقاء المصريين هم الذين علمونا اللغة العربية وعلمونا الحضارة.

الســـادة الحضـــور

عندما حل الفريق الجزائري بالقاهرة لم يستقبل بالورود بل بالحجارة و تم الإعتداء على الحافلة، وفي محاولة مفضوحة ضحك منها العالم كله قال الاخوة المصريين ان اللاعبين الجزائريين هم الذين حطموا زجاج الحافلة و هم الذين اعتدوا و جرحوا بعضهم، و في المدة الأخيرة اعترف الإخوة المصريين بخطيئتهم.

خلال مباراة القاهرة تم الاعتداء على المناصرين الجزائريين دون حماية أمنية و تم الاعتداء جسديا حتى على النساء المناصرات.

و بعد مباراة الخرطوم، فإن الإخوة المصريين الذين راهنوا على كسب المباراة لأغراض سياسية داخلية لم يقبلوا الهزيمة، فازدادت حملتهم شراسة ضد الجزائر، فذكروا أن المناصرين الجزائريين اعتدوا على المصريين و أهانوهم دون تقديم أدنى دليل على ذلك، مع العلم بأن السلطات السودانية أكدت وبصفة رسمية بأنه لم يحصل أي اعتداء من قبل المناصرين الجزائريين على المناصرين المصريين.

و حتى و لو افترضنا جدلا أن مناوشات وقعت بين المناصرين كما يحدث في كل أنحاء العالم، فهل هذا يبرر هذه الحملة الخبيثة.

سيداتــــي سادتـــي

بعد مباراة الخرطوم يستدعي الرئيس المصري مجلس الأمن القومي بحضور وزير الحرب و قائد الأركان و كان مصر تريد أن تعلن الحرب على الجزائر، مع العلم بأن مجلس الأمن القومي المصري لم يجتمع إبان العدوان الصهيوني على لبنان سنة 2006 و لا في حرب غزة مؤخرا.

و بعد ذلك تواصلت الحملة الاعلامية الرسمية و الخاصة التي لم تراعي أدنى الضوابط الأخلاقية المهنية و لا روابط الأخوة و تم الاعتداء على الجالية الجزائرية بمصر و تم طرد الطلبة الجزائريين من الجامعات المصرية.

السادة الحضور

بخصوص حرق العلم من طرف محامين مصريين

اسمحوا لي سادتي أن أفيدكم بأننا لنا عتاب تاريخي على نقابة المحامين بالقاهرة.

أثناء الثورة التحريرية الجزائرية التي اندلعت سنة 1954 امتلأت السجون و المحتشدات الفرنسية بآلاف المجاهدين و المناضلين الجزائريين فقررت جبهة التحرير الوطني تشكيل فريق دولي من المحامين للدفاع عن المساجين الثوريين الجزائريين، فانظم إلى هذا الفريق الدولي من المحامين، محامين من المغرب وتونس و بلجيكا و إيطاليا و سويسرا و حتى المحامين الفرنسيين مثل فارجاس قادوا هذا الفريق ضد دولتهم الدولة الفرنسية.

و قد سجل التاريخ امتناع نقابة المحامين بالقاهرة الانضمام لهذا الفريق من المحامين رغم أن القيادة السياسية لجبهة التحرير كانت بالقاهرة ثم تحولت من بعد إلى تونس.

مؤخرا: سمعت أن بعض المحامين المصريين أدلوا بتصريحات مفادها أنـهم قدموا شكوى جنائية ضد وزير الرياضة الجزائر بالقاهرة و بعض المسؤولين  الجزائريين على خلفية المباراة الأخيرة.

أن هذا يذكرني أن نفس المحامين و على خلفية (ما يسمى بخلية حزب الله بمصر) طالبوا بانشاء محكمة دولية خاصة بمحاكمة سيد المقاومة اللبنانية السيد حسن نصر الله باعتباره رئيس تنظيم ارهابي تماما كما تطالب اسرائيل بذلك.

بتاريخ 22/11/2009 تناقلت وسائل الإعلام أن اعتصام المحامين بنقابة القاهرة تم خلالها حرق العلم الوطني الجزائري من طرف بعض المحامين.

ان المحامين الجزائريين صدموا من هذا التصرف الأرعن و الإجرامي الذي قام به هؤلاء المحامين وتجردوا من قيم الشرف و الاستقامة و الأخوة.

إن حرق العلم الجزائري أمام نقابة القاهرة مقر اتحاد المحامين العرب يعتبر وصمة عار في جبين هؤلاء المحامين من زبانية النظام المصري، فكيف يتجرؤون على حرق علم دولة شقيقة ضحى من أجله مليون ونصف مليون من الشهداء الأبرار.

السيد رئيس المحامين العرب

لقد وصلتنا رسالتكم التي من خلالها قلتم بأن المحامين في القاهرة نظموا اعتصام تنديد و أن مواطنا مصريا اندس بينهم فحرق العلم الجزائري و تتبرؤون من هذا الفعل.

عن هذه التمثيلية الجديدة كسابقتها المتعلقة بالاعتداء على حافلة الفريق الجزائري لا يصدقها أحد، إذ أن نفيكم جاء متأخر (بعد 10 أيام)، و بتاريخ حرق العلم الجزائري لم يصدر منكم نفي أو تنديد أو شجب لما حصل هذا فضلا عن إدانة هذا التصرف الإجرامي من قبل الرئيس السابق لاتحاد المحامين العرب النقيب سامح عاشور و كذلك المحامي منتصر الزيات مما يدل على حصول هذا التصرف الطائش بالفعل من طرف محامين مصريين.

إن اتحاد المحامين الجزائريين يشجب هذا الفعل الطائش و الأرعن و يندد به و يدينه بأقصى العبارات و يطلب من المكتب الدائم إصدار إدانة صريحة له.

أيها السادة

إن الشعب الجزائري لا يكره الشعب المصري، بل بالعكس يعشقه، و اسمحوا لي أن أتلو على مسامعكم بعض الأبيات الشعرية التي كتبها شاعر الثورة الجزائرية المرحوم مفدي زكريا سنة 1956 من زنزانته عندما كان مسجون من طرف الاستعمار الفرنسي، و ذلك عندما تعرضت مصر للعدوان الثلاثي سنة 1956 إذ يقول:

فتماسكتْ بالشرق وحدةُ أمّةٍ

عربيّةٍ، وجدتْ بمصرَ المرتعا

ولَـمِصرُ.. دارٌ للعروبة حُرّةٌ

تأوي الكرامَ.. وتُسند المتطلِّعا

سحرتْ روائعُها المدائنَ عندما

ألقى عصاه بها «الكليمُ».. فروّعا

وتحدّث الهرمُ الرهيب مباهياً

بجلالها الدنيا.. فأنطق «يُوشَعا»

واللهُ سطَّر لوحَها بيمينهِ

وبنهرها.. سكبَ الجمالَ فأبدعا

النيلُ فتّحَ للصديق ذراعَهُ

والشعبُ فتَّحَ للشقيق الأضلعا!

يا مصرُ .. يا أختَ الجزائر في الهوى

لكِ في الجزائر حرمةٌ لن تُقطَعا

ملاحظة: الشاعر الجزائري مفدي زكريا من أصل أمازيغي لم يتعلم العربية بمصر بل تعلمها في الكتاتيب القرآنية بالجزائر.

إن الشعب الجزائري بقدر مساعدة مصر الشقيقة له أثناء الثورة التحريرية تماما كما ساعدتـها و ناصرتـها جميع الأقطار الشقيقة في المغرب و المشرق.

في المقابل فإن الجزائر هبت لنجدة مصر عندما حصل عليها العدوان الصهيوني في حربي 1967 و1973 بالمال و العتاد الحربي و الرجال، و قد امتزج الدم الجزائري بالدم المصري خلال هذه الحروب: وهناك 3 آلاف شهيد جزائري مدفون في مصر.

إن هذا الأمر لا يعتبر منا من الجزائر على الشقيقة مصر بل كان من منطلق الواجب القومي عندما كانت مصر حاملة لواء المواجهة و الجهاد و المقاومة باسم الأمة العربية لاسترجاع الأراضي العربية المحتلة و لتحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني.

أما اليوم فإن بوصلة الشرق الأوسط تغيرت و يتعين علينا تثمين المواقف الايرانية و التركية الداعمة لقضايا الأمة العربية، خاصة و أن ورقة التوت سقط عن دعاة المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني و المراهنين عن الدور الأمريكي و الذين سكتوا و صمتوا عدما جاء نتنياهو و قال لا للمقدس لا للمسجد الأقصى لا لوقف الاستيطان لا للدولة الفلسطينية.

إن القضية الفلسطينية (قضية الأمر العربية) يجري تصفيتها حاليا على مرأى من العالم كله الذي وقف عاجزا عن مواجهة الحلف الصهيوني و تتم تصفية القضية على مرأى من جميع الحكام العرب دون أن يحرك أي واحد منهم ساكنا.

إن استرجاع الأراضي الفلسطينية و العربية المحتلة لا يمكن أن يتم إلا بالمقاومة و هذا ما تعلمناه من تجارب التاريخ.

إن بلادي الجزائر عاشت من استعمار استيطاني لمدة 130 سنة، و لم تتحرر الجزائر إلا بالثورة المسلحة و ليس بالمفاوضات.

انه ينبغي على الفلسطينيين أن يتوحدوا على أساس استراتيجية للمقاومة و على العالم العربي والاسلامي أن يدعم هذه المقاومة سياسيا و ماليا و عسكريا، لأن هذه اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو الاسرائيلي و بالمقاومة المسلحة وحدها يتم تحرير الأرض و يتم تحرير المسجد الأقصى لا بالمفاوضات العبثية التي دامت 18 سنة ازداد خلالها الاستيطان و معاناة الشعب الفلسطيني.

و في الأخير، فإن الجزائر اعتذرت عن استضافت هذه الدورة لأسباب تنظيمية، و تؤكد استعدادها لاحتضان الدورة المقبلة للمكتب الدائم للمحامين العرب في الجزائر العاصمة.

في الختام أشكر السادة الحضور على كرم الاصغاء و أتمنى النجاح الكامل لأشغال هذه الدورة.

 

                                                                                                النقيب أحمد ساعي النائب الأول

                                                                 لرئيس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين

إحصائيات الموقع
عدد الزيارات: 562941
عدد الزوار المتواجدين في الموقع الآن: 6
عدد الزيارات اليوم: 635
عدد الزيارات لآخر 7 أيام: 6217
تطوير Djidel Solutions